نسعى لحضور مصرى قوى فى اليمن..
وزير الخارجية: لا بديل عن الخيار العسكرى لاسترداد الدولة اليمنية

من حق الحكومة الشرعية التحالف مع أطراف دون أخرى.. وتواجد إيران فى اليمن حلم تحقق بفضل علاقاتها مع الحوثيين
تغيير موازين القوى على الأرض هو السبيل لجلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات
اتفاق ستوكهولم أتاح للحوثيين فرصة التمدد فى محافظة الحديدة.. وميناؤها شريان حياة للجماعة
لدينا إرادة حقيقية لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها رغم تعقيدات الوضع الراهن
علاقاتنا مع القاهرة استثنائية.. ونسعى لحضور مصرى قوى فى اليمن بمختلف المجالات
أكد وزير الخارجية وشئون المغتربين اليمنى، الدكتور شائع الزندانى أن الحكومة اليمنية الشرعية لديها إرادة حقيقية لإعادة بناء الدولة ومؤسساتها رغم تعقيدات الوضع الراهن، مشيرًا إلى أنها لطالما سعت من أجل التوصل لأفق سياسى لحل الأزمة اليمنية، ولكن إذا تعذر الوصول إلى هذا الحل فالخيار العسكرى يبقى قائمًا إلى أن يتم استرداد الدولة اليمنية.
وأوضح الزندانى، فى حوار مع «الشروق» خلال زيارته القاهرة الأسبوع الماضى لترؤس الاجتماع التشاورى لوزراء الخارجية العرب، أن تغيير موازين القوى على الأرض هو السبيل لجلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات.
ووصف الزندانى العلاقات بين مصر واليمن بـ«الاستثنائية»، مشيرًا إلى حرص الحكومة اليمنية على إحياء الحوار الاستراتيجى بين البلدين، وسعيها من أجل حضور مصرى قوى فى اليمن بمختلف المجالات.
وإلى نص الحوار:
> ماذا عن آخر مستجدات الوضع فى اليمن فى ضوء تداعيات الضربات الأمريكية ضد الحوثيين؟
ــ أى بلد يعانى من ويلات الحرب يواجه العديد من التحديات، ورغم محدودية المواجهات العسكرية خلال السنوات الثلاث الأخيرة، إلا أنه بصفة عامة فالحرب تظل حربًا، لها قوانينها وانعكاساتها على مختلف المسارات سواء فيما يخص الحياة السياسية أو الاقتصادية أو الاجتماعية، والحكومة اليمنية لطالما سعت من أجل التوصل لأفق سياسى لحل الأزمة الراهنة.
> ما مدى إمكانية لجوء الحكومة الشرعية إلى الحل العسكرى فى ظل تعثر مسار الحل السياسى؟
ــ عندما تجد الحكومة الشرعية أن هناك صعوبة فى إجراء حوار سياسى وعندما تتيقن أن الأفق نحو الحل السياسى للأزمة الراهنة فى اليمن مسدود مع هذه الجماعة الانقلابية، أعتقد فى هذه الحالة يحق لها أن تسعى لاستعادة الدولة بأى شكل من الأشكال.
ووفقًا لتجربتنا مع هذه الجماعة الانقلابية فهى لا تؤمن بالدولة ولا سلطتها، كما أنها لا تعى معنى الشراكة الوطنية بين جميع المكونات اليمنية، فضلًا عن كونها لا يعنيها على الإطلاق حقوق المواطنين اليمنيين فهى فقط ما يعنيها هو تحقيق مصالحها ليس إلا، لذلك وبعيدًا عن النظرة التشاؤمية للوضع الراهن فى اليمن، فنحن فى الحكومة الشرعية نسعى جاهدين مع كل الجهود الإقليمية والدولية من أجل إيجاد حل سياسى مع جماعة الحوثى التى تمثل تهديدًا أمنيًا واقتصاديًا للمنطقة العربية، التى حتى الآن لم تثبت أن لديها إرادة حقيقية للتوصل إلى ذلك الحل السياسى، فهم دائمو اللجوء لاستخدام القوة والعنف بديلًا عن أى وسيلة سلمية أخرى، لذلك أجدد التأكيد على أنه فى حال تعذر حكومتنا الشرعية الوصول لحل سياسى، سيصبح لا بديلًا عن الخيار العسكرى، الذى سيظل قائمًا إلى أن يتم استرداد الدولة، لنضع حدًا لهذه الحرب للبدء فى مرحلة إعادة البناء.
> ما مدى استفادة الحكومة الشرعية من الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين وإمكانية توقيع اتفاق عسكرى مشترك مع واشنطن لمواجهة الحوثيين؟
ــ حقيقة لا توجد لدينا المعطيات الكافية بشأن حجم تأثير الهجمات الأمريكية ضد الحوثيين وحول طبيعتها، ولكن هذا أبدًا لا ينفى حقيقة أن هناك تأثيرًا بالسلب لهذه الهجمات على قدرات هذه الميليشيات الانقلابية، التى باتت لا تمثل تهديدًا لاستقرار اليمن وحده بل تجاوز تهديدها ليشمل مصير الملاحة البحرية ومصير الأمن والاستقرار فى المنطقة العربية بصفة عامة، سواء أمنيًا أو اقتصاديًا.
وفقًا لأهداف الولايات المتحدة المعلنة، فهى تسعى لتأمين حرية الملاحة والتجارة العالمية، فى المقابل وفقًا لنا فالتحالفات قد تقام مع أطراف دون أخرى كما أن طبيعة المسئولية الوطنية تحتم علينا العمل من أجل استعادة سلطة الدولة فى مناطق سيطرة الحوثيين ومن ثم إعادة بناء الدولة اليمنية سواء كان هذا سلميًا أو بإعلان الحرب.
> لماذا لم تتمكن الحكومة من فرض سيطرتها التامة على ميناء ومطار الحديدة رغم اقترابها من ذلك فى عام 2018؟
ــ مبدئيًا المسألة ليست مسألة ميناء الحديدة على وجه الخصوص، ولكن القضية هنا تتمحور حول سيطرة الميليشيات الحوثية على الأجهزة اليمنية الحيوية، رغم هذا يظل ميناء الحديدة جزءًا من الكل، بمعنى أن هناك العديد من الموانئ اليمنية الأخرى ذات الأهمية، التى يجب استعادتها من قبل الحكومة الشرعية.
وصحيح فى عام 2018 وبينما كانت القوات الشرعية على مشارف ميناء ومطار الحديدة؛ حيث لم يكن لا يفصلها سوى يومين أو ثلاثة لفرض سيطرتها الكاملة، فإذا فى ذلك الوقت تواجه التدخل الدولى الذى حال دون دخولها إلى الحديدة.
ففى ضوء ما حدث تم التوصل لاتفاق ستوكهولم، الذى بدوره أتاح للحوثيين فرصة التمدد فى محافظة الحديدة وجميع الموانئ التابعة لها.
وأود الإشارة هنا إلى أنه فى حال تم استعادة ميناء الحديدة من قبل الحكومة الشرعية، سيكون لهذا تأثيره البالغ على قدرات الحوثيين، لما يمثله هذا الميناء من شريان للحياة بالنسبة لهم، سواء فيما يخص تهريب الأسلحة أو فيما يخص ما يحصلون عليه من موارد أو ما يجنونه من الجمارك والضرائب المفروضة على الواردات عبر هذا الميناء.
> ماذا عن التقارير التى تشير إلى عزم الحكومة الشرعية التدخل عسكريًا لاستعادة الحديدة؟
ــ ليس لدى معلومة مؤكدة حول هذه الخطوة، فنحن نولى اهتمامًا بما يجرى على الصعيد السياسى، ولا صلة لنا بما يجرى على الصعيد العسكرى. لكن بوجه عام وفقًا لتقييم الحكومة الشرعية لسلوك الحوثيين، ومن واقع التجربة خلال الأعوام الماضية معهم، فإن الاستمرار فى مساعى الحكومة للتوصل إلى حل سياسى، يتطلب تغيير موازين القوى على الأرض، فوقتها فقط تستطيع أن تجلب هذه الجماعة للجلوس على طاولة المفاوضات.
> كيف ترون مستقبل اليمن؟
ــ من الصعب فى الوقت الراهن التنبؤ بالمستقبل، خصوصا فى ظل هذا الواقع الحافل بالتعقيدات، ليس فقط فى اليمن وحده وإنما فى مختلف الدول العربية، فنحن كما سبق وأكدت نمر بمرحلة هى الأصعب فى تاريخ أمتنا العربية.
ولكن رغم هذا أرى أن الوضع فى اليمن يحتاج بداية إلى فرصة لخروجه من الأزمة الراهنة، مع الأخذ فى الاعتبار أن الأمر لن يتوقف عند هذه الخطوة، ولكن بعدها سيظل اليمن بحاجة إلى الوقت الكافى لكى يتعافى من الكثير من التصدعات المعقدة التى تسببت فيها الحرب وويلاتها، سواء فيما يخص بناء الدولة ومؤسساتها، أو فيما يخص تعافى الاقتصاد، وما يعطى الأمل فى ظل ضبابية المشهد الراهن أن هناك إرادة حقيقية من جهة الحكومة الشرعية لإعادة بناء الدولة والاستفادة من الدروس الماضية.
> هل تتوقعون استجابة إيران لمطالبة واشنطن لها بالتخلى عن دعم الحوثيين؟
ــ كما يعلم الجميع أن اليمن وفقًا لطبيعته الجغرافية بعيدًا عن إيران، وبطبيعة الحال لم تكن طهران تحلم أن يكون لها تواجد فى اليمن، ولكن بفضل الاستفادة من علاقاتها مع الحوثيين تمكنت فى وقت مبكر من تحقيق حلمها، وساهم فى تحقيق هذا الحلم أيضًا الخلل فى سلطات الدولة اليمنية.
بالإضافة إلى ذلك، فإن إيران فى الأساس دائمًا تحارب بالعرب، سواء فى لبنان أو سوريا أو اليمن أو العراق، كما أن المحور الإيرانى معروف أذرعه وأهدافه لدى الجميع، وطهران دائمًا تضع مصالحها فوق كل اعتبار لذلك من الصعب أن تضحى بمصالحها من أجل دعم الحوثيين فى اليمن، فإيران إذا شعرت بشكل أو بآخر أن هناك ما يهدد مصالحها، سوف تتخلى دون شك عن الحوثيين، وإن كانت فى المقابل ستظل تعمل على المناورة بأشكال مختلفة، وذلك نظرًا لأهمية اليمن بالنسبة لها ونظرًا لتأثير هذا على المنطقة بشكل عام.
> ماذا عن مستقبل العلاقات المصرية اليمنية؟
ــ علاقاتنا مع مصر استثنائية، فاليمن دائمًا على وعى تام بأهمية الدور المصرى فى اليمن. وخلال العقود الماضية كانت مصر قيادة وشعبًا إلى جانب اليمن، لذلك تجدنا دائمًا نسعى لتطوير هذه العلاقات، فمن خلال الزيارات السابقة للقاهرة، حرصت الحكومة الشرعية على إحياء الحوار الاستراتيجى بين البلدين، وذلك فى مسار جهودها لإتاحة المجال من أجل حضور قوى يليق بالشقيقة مصر سواء سياسيًا أو اقتصاديًا أو تجاريًا، وذلك لما لها من تجارب وخبرات أساسية ومهمة للغاية.
كما نرحب بالحضور المصرى على الأراضى اليمنية التى تقع تحت سيطرة الحكومة الشرعية، والمجال مفتوح أمام الشركات المصرية، للتوسع فى الاستثمارات وإقامة جميع صور التعاون المشترك.
> ما هى رؤيتكم وتوقعاتكم للقمة العربية المقبلة فى بغداد؟
ــ ما أخشاه كثيرًا مع الأسف هو أن وضعنا العربى فى الوقت الراهن ليس وضعًا مثاليًا، فكما سبق وذكرت نحن فى مرحلة تداعٍ، ورغم هذا تظل هناك بوادر أمل من خلال بعض المساعى التى تُبذل، فى محاولة لخلق مقاربات حول العمل العربى المشترك، بما يساهم فى تحقيق وحماية مصالح الشعوب العربية بصفة عامة.
نحتاج فى المقام الأول للعمل على تعزيز التضامن العربى المشترك للتصدى لكل التدخلات والمخططات التى تتربص بدول المنطقة وتهدف لزعزعة استقرارها وأمنها القومى