بعد توقف الضربات الأمريكية.. لماذا أشعل الحوثيون جبهات القتال الداخلي؟

بعد أسبوعين من توقف الضربات الأمريكية، كثّفت من تصعيدها الميداني في الداخل اليمني، وسط تحركات عسكرية وعمليات تحشيد المقاتلين في مناطق التماس مع قوات الحكومة المعترف بها دوليًا.
وفي سياق عملياتها العسكرية التي شملت مؤخرًا عدة محافظات يمنية، قصفت الميليشيا يوم الاثنين، مواقع عسكرية تابعة للقوات الحكومية، شرقي مدينة تعز، مركز المحافظة التي تحمل الاسم ذاته، جنوب غربي البلاد.
وقالت مصادر عسكرية في محور تعز التابع للجيش اليمني، لـ"إرم نيوز"، إن ميليشيا الحوثي شنت قصفًا مدفعيًا على موقع "التشريفات" الواقع تحت سيطرة القوات الحكومية، شرقي مدينة تعز، ما أدى إلى إصابة 3 جنود.
هدفان متناقضان
ويأتي التصعيد في تعز، منسجمًا مع هجمات الحوثيين الأخرى التي استهدفت مطلع الأسبوع الجاري، خطوط المواجهة مع القوات المسلحة الجنوبية في محافظتي أبين ولحج، والاعتداءات التي تنفذها الميليشيا على مواقع القوات العسكرية المناوئة لها وقصف القرى السكنية في مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، رغم وضع الهدنة.
وبحسب مراقبين محليين، فإن نوايا الحوثيين واضحة نحو تفجير الأوضاع العسكرية مجددًا وإشعال جبهات القتال الداخلية في مختلف المناطق اليمنية، لتحقيق هدفين في مسارين مختلفين "يتعلق الأول بمخاوف الميليشيا من انطلاق معركة داخلية ضدها، مدعومة من الولايات المتحدة، في حال توجّه المجتمع الدولي نحو الخيار العسكري، لإنهاء تهديدات الحوثيين على الملاحة البحرية، عبر عملية عسكرية لتحرير المناطق الواقعة تحت سيطرتهم على تخوم البحر الأحمر".
وأشار المراقبون إلى أن المسار الآخر مرتبط بمدى رغبة الإقليم في تحقيق السلام وحلّ الأزمة اليمنية عبر المفاوضات السياسية، "وبالتالي فإن الحوثيين يتحركون الآن لتحقيق مزيد من المكاسب والضغوط الميدانية، لتحسين شروطهم في طاولة التفاوض، إذا ما كان الخيار السياسي هو المطروح لإنهاء أزمة اليمن".
تعزيزات ثقيلة
ومكّن اتفاق وقف الهجمات المتبادلة بين الحوثيين وواشنطن وتوقف الضربات الأمريكية العنيفة، الميليشيا من التحرك العسكري بأريحية وانسيابية على الميدان المحلي، وإرسال التعزيزات والمعدّات العسكرية إلى جبهات القتال شمالًا وجنوبًا، بعد أشهر من الغارات والرصد الجوي الغربي.
وكشفت منصّة "ديفانس لاين" المحلية، المتخصصة بالشؤون الأمنية والعسكرية مؤخرًا، عن إرسال الحوثيين عتادًا عسكريًا ثقيلًا وأسلحة مختلفة، إلى جبهات المواجهة مع الحكومية، بالتزامن مع تزايد أنشطة طيران الحوثيين المسيّر، بشقيه الاستطلاعي والانقضاضي، على مواقع قوات الشرعية في كل من محافظات: مأرب والجوف وتعز والحديدة ولحج.
مخاوف أممية
وتهدد هذه التطورات، بنسف الجهود الدولية والإقليمية في الملف اليمني، وعودة المعارك مجددًا إلى الداخل بعد أكثر من عامين على توقفها، وفقًا لاتفاق الهدنة الأممية المعلنة التي انطلقت في أبريل/ نيسان وحتى أكتوبر/ تشرين الأول من العام 2022، واستمرار حالة الاستقرار حتى اليوم، رغم عدم موافقة الأطراف اليمنية على تجديدها.
وأشار المبعوث الأممي إلى اليمن، هانز غروندبرغ، في إحاطته الأخيرة لمجلس الأمن الدولي، إلى استمرار "بعض الأطراف في الإعداد للحرب، في ظل عدم الثقة العميقة بينها"، ما يضاعف من تحديات حل النزاع، التي قال إنها تراكمت بفعل "دوامة التوترات الإقليمية الأوسع".